المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
عنْ أَبي أَيوبِ رضي الله عنه، أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ رواهُ مُسْلِمٌ.
الأقسام
حديث اليوم
قال علي رضوان الله عليه : « تهادوا تحابوا ، ولا تماروا (1) فتباغضوا » __________ (1) المراء : المجادلة على مذهب الشك والريبة
فتوى اليوم
حكمة اليوم
‏عن ‏ ‏هشام ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏أسماءرضي الله عنها أنها حملت ‏ ‏بعبد الله بن الزبير ‏ ‏بمكة، ‏ ‏قالت: " فخرجت وأنا متم، فأتيت ‏ ‏المدينة ‏ ‏فنزلت ‏ ‏بقباء، ‏ ‏فولدته ‏ ‏بقباء، ‏ ‏ثم أتيت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فوضعه في ‏ ‏حجره، ‏ ‏ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل في ‏ ‏فيه، ‏ ‏فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم، ‏ ‏ثم ‏ ‏حنكه ‏ ‏بالتمرة، ثم دعا له وبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام" . رواه مسلم. ‏
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
ما حكم الدرس قبل صلاة الجمعه وهل هو من السنه؟؟؟
تاريخ: 27/4/13
عدد المشاهدات: 25110
رقم السؤال: 12688

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:

يجوز اعطاء درس قبل صلاة الجمعة وهو من باب التذكير والبيان، كما أنه شيء تنظمي لا يدخل في مفهوم البدعة؛ لأن البدعة ما أحدث وهو مخالف للدين. والدرس قبل الجمعة ليس مخالفا للدين بل من أصله. وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يتخول الناس بالموعظة، وكان علماء الصحابة ينتقون بعض الأوقات لتدريس الصحابة والتي لم يعهد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) تخصيصها. فعن شقيق كان عبدالله يذكر الناس في كل خميس، فقال: له رجل يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم. قال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتخولنا بها مخافة السآمة علينا.{متفق عليه}.

جاء في موقع دائرة الإفتاء العام الأردنية على الإنترنت:" كان الناس في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن بعده يبكرون في الذهاب إلى صلاة الجمعة، فإذا وصلوا إلى المسجد اشتغلوا قبل صلاة الجمعة بقراءة القرآن والصلاة النافلة وذكر الله (تعالى) ونحو هذا من الأعمال الصالحة، وكنت إذا دخلت المسجد قبل الصلاة تسمع لقراءة القرآن دويا كدوي النحل، ولا شك أن قراءة القرآن من أعظم القربات. وفي زمننا هذا وفي الأردن خاصة رأى بعض أهل العلم أن الناس لا يجتمعون في المساجد كاجتماعهم قبيل صلاة الجمعة، فأراد أن يغتنم هذا الاجتماع ليحدثهم عما يهمهم من أمر دينهم، وجرى الأمر على هذا في مساجد المملكة الأردنية الهاشمية. فمن قام بإعطاء هذا الدرس لا نعترض عليه؛ لأن تعليم الموعظة و العلم، وأحكام الشريعة ليس له وقت محدد بل هو مرغب فيه في كل وقت. ومن لم يلق درسا في هذا الوقت لا نعترض عليه؛ لأنه يتيح الفرصة ليتعبد الناس بما شاءوا في هذا الوقت. ومن المعلوم أن خطبة الجمعة يندب فيها الاختصار، والتركيز على موضوع واحد، فلا يستطيع الخطيب أن يعالج أمورا كثيرة مما يحتاجه الناس، بينما درس الجمعة يستطيع السامعون فيه أن يسألوا عما بدا لهم من أمور الدين".

يقول الشيخ فيصل مولوي ـ نائب رئيس المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء ـ :"إقامة درس وعظي في المسجد يوم الجمعة قبل الأذان لا يمكن اعتباره بدعة؛ لأن هذا الوقت ليس مخصصاً لعبادة محددة، بل هو وقت حر للناس يفعلون به ما أرادوا من المباحات، فإذا أقاموا فيه درساً في المسجد لتعليم الناس ووعظهم فقد فعلوا أمراً مستحباً أو مسنوناً أو واجباً على الكفاية، ولهم أجر ذلك إن شاء الله. ولا يعقل أن يشكل هذا الدرس إرباكاً للناس، وإن كان بعضهم يعتبره من قبيل البدعة فيجب أن يوضح لهم ذلك، وإنّ أشد العلماء تدقيقاً في البدع لا يقول مثل هذا الكلام، إذ الخلاف حول البدعة في هذا المجال يرتكز على ما إذا كانت إقامة الدرس أو تلاوة القرآن أو الصلاة بعد الأذان وقبل الخطبة؛ لأن السنة أن يصعد الخطيب المنبر بعد الأذان مباشرة. فعند بعض العلماء ليس هناك وقت حر بين الأذان والخطبة، فيعتبر كل فصل بينهما بأي عمل كان بدعة. ويخالف في ذلك علماء آخرون؛ لأن فريضة الجمعة ليست فوراً بعد الأذان، بل وقتها يمتد إلى دخول العصر، فيمكن أن يكون بينهما فاصل، وإذا اشتغل المسلم في هذا الوقت الفاصل بأي أمر مشروع فهو مباح من حيث الأصل، وله أجره بحسب هذا النوع من العمل. ويمكن بلا جدال إقامة الدرس بعد الصلاة، فعليكم اختيار الوقت المناسب الذي يمكن أن يحضر فيه أكبر عدد من المسلمين للاستفادة"{موقع على الإنترنت}.

ويقول الشيخ القرضاوي:" ليست البدعة يا أخي كل ما استحدث بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بإطلاق، فقد استحدث المسلمون أشياء كثيرة لم تكن في عهده (صلى الله عليه وسلم)، ولم تُعَدّ بدعة، مثل استحداث عثمان أذانًا آخر يوم الجمعة بالزوراء لما كثر الناس، واتسعت المدينة. ومثل استحداثهم العلوم المختلفة وتدريسها في المساجد، مثل: علم الفقه، وعلم أصول الفقه، وعلم النحو والصرف، وعلوم اللغة والبلاغة، وكلها علوم لم تكن على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإنما اقتضاها التطور، وفرضتها الحاجة، ولم تخرج عن مقاصد الشريعة، بل هي لخدمتها وتدور حول محورها. فما كان من الأعمال في إطار مقاصد الشريعة، لا يعد في البدعة المذمومة، وإن كانت صورته الجزئية لم تعهد في عهد النبوة، إذ لم تكن الحاجة إليه قائمة. ومن ذلك: القاء بيان أو بلاغ للناس في قضية تهمهم بعد الفراغ من صلاة الجمعة، كما كان يفعل الإخوة في مساجد غزة وغيرها من مدن فلسطين في بداية حركة الانتفاضة الإسلامية، حيث كانت بلاغاتهم وبياناتهم ونداءاتهم تنطلق من بيوت الله، وتنادي بها المآذن، ولهذا سميت في أول الأمر: ثورة المساجد. والمسجد هو محور النشاط في الحياة الإسلامية، وقد كان في عهد النبوة دار الدعوة ومركز الدولة، كما بينت ذلك في كتابي" العبادة في الإسلام ". فيه تلقى الدروس والمواعظ، ومنه تنطلق كتائب الجهاد، وفيه يَلقى الرسول (صلى الله عليه وسلم) الوفود والسفراء، وفيه يعلن النكاح، بل فيه يلعب الحبشة بحرابهم ويؤدون رقصاتهم المعروفة في يوم من أيام الأعياد، والرسول يشجعهم، ويساعد زوجه عائشة حتى تنظر إليهم. فلم لا يكون المسجد موضوعًا لإلقاء البلاغات الإسلامية، التي لا ينكر الأخ السائل شيئًا من مضمونها، بل يقول: إنه مع المضمون مائة في المائة (100%)?
وما المانع من إلقاء درس في المسجد بعد الجمعة، لشرح بعض ما جاء في الخطبة مما لم يتسع له وقتها وهو محدود، أو للإجابة عن بعض الأسئلة التي تعن لبعض المصلين في أمور الدين والحياة؟

وأنا شخصيًا ممن أتخذ هذا المنهج من قديم، منذ كنت أخطب الجمعة في القاهرة في الخمسينيات. فبعد صلاة الجمعة وركعتي السنة، أعقد حلقة للإجابة عن الأسئلة حول الخطبة أو غيرها وكانت حلقة نافعة، شعر الناس بالاستفادة منه، وحرصوا عليها. ولا زلت أفعل ذلك ما بين حين وآخر في المسجد الذي أصلى فيه بالدوحة، كلما اتسع لي الوقت، وساعدت الصحة والظروف. وقوله تعالى: (فإذا قُـضِيَت الصـلاة فانتشـروا في الأرض وابتغـوا من فـضــل اللـه) (الجمعة :10)، يدل على أن الانتشار وابتغاء الكسب بعد الصلاة أمر جائز ومباح، وليس واجبا، إذ الرأي الصحيح أن الأمر بعد الحظر يقتضي الإباحة ولا يقتضي الوجوب، كما في قوله تعالى: (وإذا حَلَلْتُمْ فاصطادوا) (المائدة:2) . وقوله عن النساء في المحيض:"فإذا تَطَهَّرْن فأتوهن من حيث أمركم الله).(البقرة: 222 .(وهنا كذلك، فقد حرم الله البيع وما  في حكمه من ابتغاء الكسب عند النداء ليوم الجمعة، فإذا قضيت الصلاة رفع الحظر، وعاد الأمر كما كان.

 والحديث الذي رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تناشد الأشعار في المساجد، وعن البيع والشراء فيه، وأن يتحلق الناس فيه يوم الجمعة قبل الصلاة" وحسنه الترمذي، ذكروا فيه أن التقييد بـ " قبل الصلاة " يدل على جوازه بعدها للعلم والذكر. وكذلك الدرس قبل الجمعة، قد تدعو إليه الحاجة، أو توجبـه المصلحــة المتوخــاة من ورائه. ومن ذلك: أن كثيرًا من البلاد غير العربية يخطبون الجمعة فيها باللغة العربية، وجمهور الحاضرين ــ وإن لم يكن كلهم ــ لا يعرفون العربية، فلا يستفيدون من الخطبة شيئًا يذكر، ولهذا تكون في العادة قصيرة موجزة.
ومن ثم يكملون هذا النقص بدرس باللغة المحلية، قبل الجمعة، يحضره من لا عذر لديه ممن يريد أن يتفقه في دينه. وقريب من هذا ما يحدث في الجزائر وبعض البلاد في المغرب وإفريقيا، حيث كثير من الخطباء الرسميين لا ينقعون الغلة بخطبهم، ولا ينتظر الناس بعد الصلاة فكان درس الجمعة عوضًا عن ضعف الخطبة، وخصوصًا إذا كان من يلقي الدرس ممن لا يستطيع أن يؤدي الخطبة؛ لأنه غير مستوطن أو نحو ذلك. طبيعي أن هذا ليس هو الوضع الأمثل، والواجب أن تكون الخطبة كافية شافية، ولكن هذا هو الواقع، وكثيرًا ما نضطر عن النزول من المثل الأعلى إلى الواقع الأدنى، والإسلام يجيز ذلك وفقا لقاعدة الضرورات وأحكامها. بقي الحديث الذي ذكرناه عن عمرو بن شعيب، والخلاف فيه معروف، ومع تسليمنا بحسنه كما ذكر الترمذي، فهو لا يدل على أكثر من الكراهة، والكراهة تزول بأدنى حاجة أو مصلحة. قال الترمذي: وقد كـره قوم من أهـل العـلم البيع والشراء في المسجد، وبه يقول أحمد وإسحاق.
وقد روي عن بعض أهل العلم من التابعين الرخصة في البيع والشراء في المسجد، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير حديث رخصة إنشاد الشعر في المسجد.

على أنهم بينوا العلة في النهي عن التحلق قبل الصلاة، فذكر صاحب تحفة الأحـوذي :" أنه ربما قطع الصفوف، مع كونهم مأمورين بالتبكير يوم الجمعة والتراص في الصفوف، الأول فالأول، ولأنه يخالف هيئة اجتماع المصلين. (تحفة الأحوذي 2/272 ).

وكذلك ذكر الإمام ابن العربي في عارضة الأحوذي في شرح الترمذي:أنه إنما نهى عن التحلق يوم الجمعة؛ لأنهم ينبغي لهم أن يكونوا صفوفا يستقبلون الإمام في الخطبة، ويعتدلون خلفه في الصلاة"{ انظر: عارضة الأحوذي (2/119)} أي والتحلق  ينافي هذا لأنهم يكونون دوائر متعددة، غير متجهة إلى القبلة، ولا متراصة تراص صفوف الصلاة، وهذا غير وضع المصلين، وهم مصطفون مستقبلو القبلة، متهيئون للصلاة عندما يحين وقتها. وأخذ العلماء من النهي عن التحلق قبل الجمعة، أن التحلق بعدها مشروع ولا حرج فيه، كما نبه على ذلك الإمام الخطابي في " معالم السنن"{موقع القرضاوي}

ودليل جواز اعطاء الدرس قبل الجمعة ما رواه الحاكم في "المستدرك " وصحح سنده ووافقه الذهبي عن عاصم بن محمد عن أبيه قال:"رأيت أبا هريرة رضي الله عنه يخرج يوم الجمعة فيقبض على رمانتي المنبر قائما و يقول:حدثنا أبو القاسم رسول الله الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم . فلا يزال يحدث حتى إذا سمع فتح باب المقصورة لخروج الإمام للصلاة جلس".

وحديث النهي عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة.{رواه الترمذي وحسنه}، فمحمول على أنهم كانوا يتحولقون ويتحدثون مما يؤدي إلى ارتفاع الأصوات وحصول الفوضى في وقت ينبغي أن ينشغلوا بالذكر والصلاة وقراءة القرآن، وليس  في الحديث كراهية الاستماع إلى العلم. ثم إن مدراسة العلم نوع من الذكر بل أفضل الذكر كما نص على ذلك بعض الفقهاء.

جاء في شرح زاد المستقنع للشنقيطي:"قالوا: كانوا في القديم يجلسون أبناء العم أو القبيلة أو الجماعة في ناحية وكانت هذه العادات موجودة في الجاهلية، كانوا إذا جلسوا يجلس كل جماعة إلى من يألفون وإلى من يجالسوه، فيكثر اللغط والحديث".{الموسوعة الشاملة}

ويحتمل أن المراد من الحديث التوجه إلى الإمام وهو على المنبر بالوجوه صفوفا لا بالتحلق حول المنبر. لأن المصلين مأمورون أن يصفوا أثناء الخطبة كصفوف الملائكة لا أن تتحلق كل جماعة على حدة.

{انظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود(3/418)، حاشية السيوطي والسندي على سنن النسائي(2/4)}

جاء في بستان الأحبار لمجد الدين بن تيمية(1/347):"أمَّا التَّحَلُّقُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَحَمَلَ النَّهْيَ عَنْهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَطَعَ الصُّفُوفَ مَعَ كَوْنِهِمْ مَأْمُورِينَ بِالتَّبْكِيرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالتَّرَاصِّ فِي الصُّفُوفِ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ".

وذكر صاحب تحفة الأحوذي(1/351):" وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا قَطَعَ الصُّفُوفَ مَعَ كَوْنِهِمْ مَأْمُورِينَ بِالتَّبْكِيرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالتَّرَاصِّ فِي الصُّفُوفِ ، الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَلِأَنَّهُ يُخَالِفُ هَيْئَةَ اِجْتِمَاعِ الْمُصَلِّينَ".

                والله تعالى أعلم

د.حسين وليد

باحث في المجلس الإسلامي للإفتاء- بيت المقدس

10ذو القعدة1431هـ الموافق18/10/2010م