المجلس الإسلامي للإفتاء-الداخل الفلسطيني 48
الرئيسية
بنك الفتاوى
الأسئلة والأجوبة
سؤال جديد
من نحن
اتصل بنا
ابحث في بنك الفتاوى
عنْ أَبي أَيوبِ رضي الله عنه، أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ رواهُ مُسْلِمٌ.
الأقسام
حديث اليوم
قال سفيان بن عيينة : « قال بعض أهل العلم : الأيام ثلاثة : فأمس حكيم مؤدب ، أبقى فيك موعظة ، وترك فيك عبرة ، واليوم ضيف عندك ، طويل الغيبة ، وهو عنك سريع الظعن (1) ، وغد لا تدري من صاحبه » __________ (1) الظعن : الارتحال والسفر
فتوى اليوم
حكمة اليوم
‏عن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أنه قال: ( ‏ ‏كل ميت ‏ ‏يختم على عمله ‏ ‏إلا الذي مات ‏ ‏مرابطا ‏ ‏في سبيل الله فإنه ‏ ‏ينمى له عمله إلى يوم القيامة ويأمن من فتنة القبر ) . رواه الترمذي وقال:‏ ‏ ‏حديث حسن صحيح ‏
حكمة اليوم
فيسبوك
تويتر
هل يعذب الميت ببكاء أهله عليه؟
تاريخ: 7/1/12
عدد المشاهدات: 3775
رقم الفتوى: 367

بسم الله الرحمن الرحيم

هل يعذب الميت ببكاء أهله عليه؟


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ). [ أخرجه البخاري ومسلم ] .

وذكر العلماء في هذا الحديث عدة تأويلات منها :

- الأول : أن المراد بالعذاب هو العذاب بمعناه اللغوي : وهو مطلق الألم , العذاب الأخروي, فالميت يتألم بما يرى من جزع أهله, وما يسمع من بكائهم عليه , فمن المعلوم أن الميت في قبره غير معزول عن أهله وقرابته وأحوالهم, فقد روى الطبري بإسناد صحيح عب أبي هريرة رضي الله عنه: ( أعمال العباد تعرض على أقربائهم من موتاهم ) وهو موقوف في حكم المرفوع, إذ لا مجال للرأي فيه , وله شاهد من حديث النعمان بن بشير مرفوعاً أخرجه البخاري في تاريخه.

- قال الحافظ : وهذا اختيار أبي جعفر الطبري من المتقدمين ورجحه ابن المرابط وعياض ومن تبعه , ونصره ابن تيمية وجماعة من المتأخرين، واستشهدوا له بحديث قيلة بنت مخرمة : قلت يا رسول الله قد ولدته فقاتل معك يوم الربذة، ثم أصابته الحمى فمات, ونزل علي البكاء, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيغلب أحدكم أن يصاحب صويحبه في الدنيا معروفاً وإذا مات استرجع؟ فوالذي نفس محمد بيده, إن أحدكم ليبكي فيستعبر إليه صويحبه, فيا عباد الله لا تعذبوا موتاكم ). هذا طرف من حديث طويل حسن الإسناد أخرجه بن أبي خيثمة وابن أبي شيبة والطبراني وغيرهم, وأخرج أبو داود والترمذي طرفاً منه , قال ابن المرابط : حديث قيلة نص في المسألة, فلا يعدل عنه .

- الثاني: أن معنى التعذيب توبيخ الملائكة له بما يعذبه أهله، كما روى أحمد من حديث أبي موسى مرفوعاً: ( الميت يعذب ببكاء الحي، إذا قالت النائحة: واعضداه! واناصراه! واكاسياه! جبذ الميت وقيل له: أنت عضدها؟ أنت ناصرها؟ أنت كاسيها؟ ).

- ورواه ابن ماجة بلفظ: ( يتصنع به، ويقال: أنت كذلك؟ ).

- ورواه الترمذي بلفظ: ( ما من ميت يموت فتقوم نادبته فتقول: واجبلاه! واسنداه! أو شبه ذلك من القول، إلا وكل به ملكان يلهذانه: أهكذا أنت؟ ).

- وروى البخاري في ( المغازي ) من حديث النعمان بن بشير قال:" أغمي على عبد الله بن أبي رواحة، فجعلت أخته تبكي وتقول: واجبلاه! واكذا! واكذا! فقال حين أفاق: ما قلت شيئاً إلا قيل لي: أنت كذلك ؟ ".

- الثالث: ما اختاره الإمام البخاري وجزم به: أن المراد بالبكاء في الحديث بعضه، وهو النوح, والمراد بالميت بعض الموتى أيضاً, وهو من كان النوح من سنته وطريقته, فكان أسوة سيئة لأهله، أو عرف أن لهم عادة بفعل ذلك فأهمل نهيهم عنه.

- واستدل البخاري لذلك بأدلة ذكرها في ترجمة الباب، منها قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً... }، وحديث: ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ), [ متفق عليه ]، وحديث: ( لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها, ذلك لأنه أول من سن القتل ). [ أخرجه البخاري ] .

- ومقتضى هذا أن الميت إنما يعذب لتقصيره في تربية أهله، وإهماله في تأديبهم وتعليمهم، وضعف رعايته لما حمله الله من مسؤولية عنهم , وهو المأمور أن يقيهم النار كما يقي نفسه، فالحقيقة أنه يعاقب بتفريطه وذنبه هو لا بذنب أهله , أي أنه لم يزر وزر غيره .

- ومما يؤيد هذا التأويل أن من العرب في الجاهلية من كان يوصي أهله أن يندبوه , وينوحوا عليه بعد موته، كما قال طرفة:

إذا مت فانعيني بما أنا أهله       وشق عليّ الجيب يا ابنة معبد

أما البكاء من غير نوح فلا عقاب عليه , وقد جاء عن أبي مسعود الأنصاري وقرظة بن كعب قالا: " رخص لنا في البكاء عند المصيبة في غير نوح ". [ أخرجه ابن شيبة والطبراني وصححه الحاكم ].

- قال الحافظ بعد نقل هذه الوجوه التي ذكرناها وغيرها: " ويحتمل أن يجمع بين التوجيهات فينزل على اختلاف الأشخاص بأن يقال مثلاً: من كانت طريقه النوح فمشى أهله على طريقته أو بالغ فأوصاهم بذلك، عذب بصنعه، ومن كان يعرف من أهله النياحة، فأهمل نهيهم عنها، فإن كان راضياً بذلك التحق بالأول، وإن كان غير راض عذب بالتوبيخ، كيف أهمل النهي؟ ومن سلم من ذلك كله واحتاط، فنهى أهله عن المعصية ثم خالفوه وفعلوا ذلك كان تعذيبه تألمه بما يراه منهم من مخالفة أمره، وإقدامهم على معصية ربهم، والله تعالى أعلم بالصواب ".


والله تعالى أعلم